عندما يرخص النفيس






لدينا من الأشياء الثمينة والغالية ما لا نشعر بقيمته ومكانته ونتعامل معه باعتباره شيئاُ بلا ثمن ولا وجاهة ونحن لا نشعر بكم الإساءة التي وجهناها لتلك الأشياء التي مسخنا قيمتها وشوهنا معالمها
والحقيقة أن في الحياة عشرات الأمور الهامة والتي ما خلقت إلا غالية وقيمة وتعاملنا نحن معها بغير ما خلقت من أجله فكأننا عبثنا فيها بقصد أو دون قصد فمسخنا صورتها الحقيقة أمام الناس وأمام أنفسنا

تمشي الآن في الشوارع فتري مشاهد تتمني أن تخلع عينيك بعدها فزعاً وخوفاً وألماً مما رأيت ، بل قد تبكي أو تدمع عينيك لأنك كنت احد الذين يدركوا قيمة الأشياء الثمينة ويقدرون قيمتها

تري فتيات هن في الأصل غاليات كريمات ، لا تدري من كان أقوي عليهن . أشيطان الجن أم شيطان الإنس أم شيطان أنفسهن ؟ تركن أنفسن فريسات راضيات قانعات ومستمتعات بما ينحدرن فيه بأي دعوي إلا الحياء والعفاف

تركن أنفسهن لمكائد الحب المحتالة من أفواه لا تعرف إلا الإغواء ولا ترضي بغير الإفساد ، لا مهمة لها إلا إفساد العسل وجعله خلاً . و الغوص في أعماق البحار لاستخراج اللآليء المضيئة .. ثم رميها علي الشاطئ فلا تعرف كيف تعود مرة أخري لمحارتها

يحترق القلب ألماً وحزناً وهو يري كل الشوارع وقد حوت شباب وفتيات يعبثون أو يُعبث بهن وتجري الدموع من عينيك حسرة علي هذه المآسي وتسأل نفسك ... ماذا يحدث لهذا المجتمع؟ وأي عصر نعيشه الآن ؟

ماذا يحدث في عصر الانفصام الشخصي عند أناس لا يرضون لأخواتهن هذه المهانة ولكنهم يرضونها لبنات الآخرين ! وعند آباء وأمهات يدافعون أمام كل الناس أن بناتهن هن الشرف الذي يمشي علي رجلين . وهم الذين يكتمون فضائحهن وهم علي علم تام بهن . ولا أدهي ولا أعجب ولا أفدح من أم تكتم سر ابنتها وعلاقتها المشوهة بشاب عابث آخر وتعطي لها الشرعية والإباحة بمجرد أنها علمت عنها ذلك

ماذا يحدث لفتيات جعلن أعراضهن لقمة يلوكها الذئاب والناس جميعا و نسين أنهن ثمينات وغاليات فعاشوا في بيوتهن يحلف الآباء بأدبهن وهن علي شفير حفرة من الهلاك

منذ أيام .. رأيت مشهد عارض في أحد المواقع يصور جزء لإحدى حفلات أحد المشهورين وواحد من صناع الفتن في العالم العربي الآن . وبينما هو يفتن الناس ويغني عليهم إذ اخترقت فتاة الجموع ثم جرت عليه و.. احتضنته بقوة وأخذت تقبله ... والأمن يشدها و هي لا تريد أن تتركه . لم أشعر بشيء وأنا أري هذه الفاجعة إلا بدمعة ساخنة أحرقت عيني وألمت وجنتي وهي تجري حاملة كل زفرة وكل حسرة علي ما وصل إليه الحال وما أصبحت عليه أمهات المستقبل الذي كنا نُؤمل فيهن تربية الجيل الذي سيمكن الله لهم في الأرض

يبقي عزائي الوحيد وعزاء كل من يحترم نفسه بوجود جانب آخر من الفتيات الغاليات التي تزن الواحدة منهن ملايين الفتيات . بقين علي دينهن وعفتهن وحيائهن وثباتهن بين أمواج من الوساوس و الشهوات والشبهات . وأغلقن آذانهن عن كل ما يلهي عن الطريق الذين علموا يقينا أنهن ما خلقوا إلا ليمشوا فيه ويعيشوا من اجله
ولقد صدق الحبيب صلي الله عليه وسلم حينما قال

لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ

وليس ذلك إلا لأنهم مازالوا يؤمنون بأنه لا ينبغي للعالي أن ينزل وللغالي أن ... يرخص

هل تجد هذا الألم في صدرك؟
شاركنا رأيك بالضغط على أيقونة التعليقات



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق